سورة النساء - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


الزوج: يطلق على الذكر والأنثى. بث: خلق ونشر. تساءلون به: يسأل بعضكم بعضا به، كأن يقول: سألتك بالله ان تفعل كذا. الأرحام: جمع رحم وهي القرابة. اليتيم: من مات أبوه وهو صغير قاصر. حوباً كبيراً: اثما عظيما.
يا أيها الناس احذروا عصيان خالقكم، الذي انشأكم من العدم، واذكروا انه أوجدكم من نفس واحدة خلق منها زوجها، ثم نشر منها رجالاً ونساء كثيرين. فاتقوا الله الذي تستعينون به في كل ما تحتاجون، ويسأل بعضكم بعضا باسمه فيما تتبادلون من أمور. كذلك تذكَّروا حقوق الرحم والقرابةِ عليكم فلا تفّرطوا فيها ولا تقطعوا وشائجها.
وقد قرن الله الرحم باسمه الكريم لأن صلتها أمر عظيم عنده. وقد ورد في الحديث الصحيح «ان الرحم تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله» وكذلك قال رسول الله «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصِل رحمه».
ظهرت العناية باليتامى في القرآن الكريم منذ اول نزول الوحي، واستمر يوصي بهم إلى أواخر نزول القرآن. وقد وردت آيات كثير توصي باليتيم والمحافظة على ماله حتى جعل بعضُها من يظلم اليتيم ويقصّر في حقه كأنه يكفر بالله ويكذّب بيوم الدين.
في هذه السورة العظيمة جاءت الآيات تأمر بالمحافظة على أموال اليتامى والقيام بحقوقهم، ثم تشدّد في التحذير من اهمال ذلك. وقد مهدت لهذه الأحكام في آيتها الاولى، فطلبت تقوى الله، والتقوى في الرحم، وأشعرت الناس أنهم جميعا من نفس واحدة، فاليتيم رحمُهم وان كان من غير أسرتهم.
وبعد هذا التمهيد الجميل أمرَهم الله بحفظ أموال اليتامى حتى يتسملوها كاملة عندما يبلغون سنّ الرشد، كما حذّرهم من الاحتيال في مبادلة الطيب المختار من مال اليتيم بالرديء الخبيث من أموال الوصي عليه، أو خلط أموالكم باموال اليتماى. وقد عبر عن هذا بالأكل {وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ}. فإن لجأتم إلى التحايل بالمبادلة، أو الأكل تحت شعار الخلط، فاعلموا {إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} أي ذنْباً عظيماً، فاجتنبوه.
قراءات:
قرأ عاصم وحمزة والكسائي: {تساءلون} بفتح السين المخففة، وقرأ الباقون {تساءلون} بفتح السين المشددة، وقربأ حمزة {والارحام} بجر الميم.


تقسطوا: تعدلوا. تعولوا: تميلوا عن الحق، وقيل يكثُر عيالكم.
يسأل كثير من الناس قديماً وحديثا: ماوجه الربط بين العدل في معاملة اليتامى، ونكاح النساء! وقد سأل عروة بن الزبير خالته عائشة أم المؤمنين، ففسرت ذلك بأن بعض أولياء اليتامى كان يتزوج بمن عنده من اليتيمات اللاتي يحل له زواجهن، أو يزوّجها بعض أبنائه، ويتخذ ذلك ذريعة إلى أكل مالها أو أكل مهرها الذي تستحقه بعقد الزواج. فأنزل الله تعالى هذه الآية مرشدة لهم بأن من كان عنده يتيمة وأراد ان يتزوج بها أو يزوّجها من بعض أبنائه، لا لغاية أكل مالها أو أكل مهرها فلا مانع من ذلك. اما إذا اراد ان يتزوجها ليأكل مالها أو مهرها، فان الله يأمره أن يتركها تتزوج غيره، وله ان يتزوج غيرها.
ولقد أباح له الزواج بأكثر من واحدة إلى اربع نساء. ثم وضع شرطاً مهماً جداً فقال: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ} بين الزوجات فعليكم ان تكتفوا بواحدة فقط، لكم ان تتمتّعوا بمن تشاؤون من السراري. واختيار الواحدة اقرب من عدم الجور والظلم، إذا ان العدل بين النساء من الأمور الصعبة جدا. لذلك قال تعالى في آية أخرى {وَلَن تستطيعوا أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النسآء وَلَوْ حَرَصْتُمْ} والمقصود بالعدل هنا هو المعاملة الطيبة، والنفقة، والمعاشرة الحسنة للزوجات على السواء. اما العدل في مشاعر الرجل وميله القلبي فإنه غير ممكن وليس هو المقصود. فان النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول: «اللهم هذا قَسمي فيما امِلكَ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك».
وموضوع تعدد الزوجات أمرٌ كثر فيه الكلام قديماً وحديثا، واتخذه أعداء الإسلام سبيلاً للطعن فيه، ولا سيما المشترقون والمبشرون. ولو ان هؤلاء المتعصبين بحثوا الموضوع بتجرد عن الهوى لرأوا ان الإسلام لم يبتدع تعدد الزوجات بل حدّده ووضع قيوداً تقلله بقدر الامكان. فقد كان التعدد معروفاً ومعمولاً به عند جميع الأمم، فجاء الإسلام ورخّص فيه وقيّده بقيود صارمة. وذلك لمواجهة واقع الحياة البشرية، وضرورات الفطرة الانسانية. إن الناس ليسوا سواء، فمنهم من لا تكفيه زوجة واحدة ومنهم المضطرُّ إلى الجمع، لأمور عديدة والدين الاسلامي ليس ديناً جامداً، بل هو واقعيٌّ ايجابي، يتوافق مع افطرة الإنسان وتكوينه كما ينظر إلى واقعه وضروراته ولهذا أباح تعدد الزوجات بذلك التحفظ الشديد، فحيسن ان يؤخذ هذا الموضوع بيسر ووضوح، وان تُعرف الملابسات التي تحيط به، فلا ينبغي لمسلم ان يقدم على الزواج بأكثر من واحدة الا لضرورة، ومع مراعاة ما أوجبه الله من العدل.
{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} تمتعوا بما شئتم من السراري، وهذا غير موجود في عصرنا.
{ذلك أدنى أَلاَّ تَعُولُواْ} أي ان الاقتصار على زوجة واحدة أقرب إلى عدم الوقوع في الظلم والجور، كما أنه أدعى إلى ألاّ كثر عيالكم فتعجزوا عن الانفاق عليهم.


صدقاتهن: مهروهن. نحلة: عطية عن طيب نفس.
الخطاب للأزواج، وأعطوا النساء مهورهن عطية خالصة، ليس لكم فيها شيء. فإن طابت نفوسهن بأعطائكم شيئا منها دون اجبار ولا خديعة فكلوا هنيئا طيبا، محمود العاقبة.
وعلى هذا لا يجوز للرجل ان يأخذ لنفسه أو ينقص شيئاً من مهر زوجته الا إذا علم ان نفسها طيبة به، لأن العلاقات بين الزوجين ينبغي ان تقوم على السماحة النابعة من القلب، والود الذي لا يبقى معه حرج.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8